ترويج تبون لـ”وساطات وهمية” .. “دولة العسكر” تختنق والأزمة الاجتماعية تتأجج

وساطات “وهمية” يروّج لها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تارة يكون مصدرها دولا خليجية، وتارة أخرى دول الجوار، لتحقيق تقارب بين الرباط والجزائر، بينما يرى محللون في حديث تبون عن هذه الوساطات نوعا من التنفيس عن الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تشهدها البلاد.

وقال عبد المجيد تبون، في حوار أجراه مع جريدة “لوفيغارو” الفرنسية، إن هناك وساطات لحل الأزمة بين المغرب والجزائر، لكنه أكد أن هذه الأزمة تتجاوز موضوع الوساطات لأن لها جذورا تاريخية، كما يقول.

حسناوي: العسكر يختنق

ياسمين حسناوي، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالكويت، أوضحت أن “خرجة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن وجود وساطات يكشف أن خطابه لا يتغيّر، وهو خطاب لا يليق بوظيفته الرئاسية التي يقودها لأكثر من ثلاث سنوات”.

وأضافت الباحثة في العلاقات الدولية، في تصريح لجريدة Alhayat 24 الإلكترونية، أن “تبون يتكلم عن وساطات وهمية منسوبة إلى دول عربية تم خلقها من قبل الجنرالات الجزائريين والإعلام المقرب من السلطة”، مشيرة إلى أن تبون دائما يتحدث عن وساطات أردنية وخليجية.

وأكدت أنه لا يوجد أي مشروع وساطة في ظل غياب تأكيد رسمي من حكومة الدول التي ينسب إليها هذا المشروع، والمغرب أيضا لم يشر إلى وجود وساطات.

وتابعت قائلة: “العلاقات المغربية الجزائرية لا تحتاج إلى وساطات. فالعاهل المغربي دعا في الكثير من المرات إلى تبني الحوار ومد يده إلى الجزائريين لفتح صفحة جديدة بدون أي وساطة”، مبرزة أن “الوساطات العربية اختراع جزائري محض”.

وأضافت أن “الخطاب الرئاسي لتبون مغلف بعقد تاريخية ونفسية؛ لاسيما عندما يتحدث عن حرب الرمال”، مبرزة أن تبون يحاول تصدير تأثيرات الأزمة الداخلية التي تعيشها الجزائر إلى الخارج من خلال خلق المشاكل مع المغرب، وهو بذلك يغطي على الأزمة الاجتماعية وعلى الحراك الشعبي في الجزائر الذي يتجاهله النظام العسكري.

بودن: تنفيس عن الأزمة الاجتماعية

وأوضح محمد بودن، رئيس “مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية”، أن تصريحات الرئيس تبون تندرج في إطار استراتيجية جزائرية تقليدية للتنفيس عن الأزمات الداخلية على المستويات الحقوقية والاجتماعية والمؤسسية، ومحاولة توجيه أنظار جزء من الرأي العام الجزائري بعيدا عن الأولويات الداخلية.

وأضاف أن الرئيس الجزائري ينتظر من هذه التصريحات تجميع تعاطف الفاعلين في صناعة القرار الجزائري، وتحقيق مردودية انتخابية في ظل تنامي النقاش حول احتمال العهدة الثانية بحكم أن المغرب وقضاياه يمثلان موضوعا رئيسيا في الانتخابات الجزائرية.

كما تشكل هذه التصريحات، وفقا للمحلل ذاته، “محاولة للظهور بمظهر الفاعل وصاحب الكلمة الأخيرة طالما أن هناك من يروقه سماع نغمة: الجزائر قوة ضاربة وسيدة وبلد محوري في المنطقة”.

وأردف بودن قائلا: “يريد تبون بعث رسائل إلى أطراف إقليمية خارج المنطقة المغاربية والعربية، وإظهار الالتزام ببعض التفاهمات معها”.

واعتبر أن “القواعد الدبلوماسية للوساطات تفيد أن أي تخطيط لوساطة ثنائية يعتمد على قبول اقتراح الوساطة من طرفين، وهذا غير حاصل حتى الآن حتى يتم رفضه”.

واستطرد قائلا: “ربما هناك خلط لدى السلطات الجزائرية بين الوساطة بمضمونها وشروطها وبين النصح الذي يمكن أن تقوم به بعض الدول إذا رأت تقييما غير ملائم للسياق من طرف الجزائر لأنه إذا كانت هناك وساطة فعلا فالأمر ينبغي أن ينطلق على أساس مطالب متبادلة، وهذا لم يحصل أساسا”.

وأوضح أن هناك تعارضا لمنطقين في المنطقة، من جهة منطق جزائري قائم على التشاؤم والانفعال وخطاب الأزمة، ومن جهة أخرى منطق مغربي يبرز أفضلية الحوار ويستحضر مصالح 120 مليون مواطن مغاربي ويجعل من سياسة اليد الممدودة خيارا.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى