قصص تكشف “معاناة نفسية” في المجتمع المغربي من أجل “الفهم والمواجهة”

خوضٌ في “تعرجات المعاناة النفسية والاجتماعية للأشخاص الذين يعانون ويلحقون الضرر بدورهم، وانعطافات الأمل المطبوعة بومضات روحانية”، يحضر في المجموعة القصصية «معا نحو عالم أفضل» لكاتبتها إلهام إبراهيمي، الصادرة باللغة الفرنسية عن دار “Le Lys Bleu” بباريس.

هذا العمل يأخذ “خطوات سعي لازمة من أجل الإخبار والوعي بالمعاناة والتصدي لها”، آملا أن تساعد الحكايات “الوعي على التخلص من المعاناة”؛ لأن الشهادات والقصص الواقعية يمكنها “أن تساعد على تسليط الضوء، وإزالة أي شكل من أشكال المقاومة لحماية أنفسنا من آفة لطالما تقبلناها في مجتمع ذكوري يقبل بالظلم وعدم المساواة ويواجه السلطة بالخنوع”.

ويقول المحلل النفسي جان شارل بوشو إن هذا الكتاب أذهلَته “على الفور جودة أسلوبه ودقة كلماته؛ فهو سرد ممتع رغم قسوة الشهادة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;}

وتدافع الكاتبة عن أنه “في بعض الأحيان تمكننا المشاكل من اكتشاف ذواتنا، إذ تصبح العقبات التي تقف في طريقنا وسيلة للتحقق من قدرتنا على المقاومة والكفاح. وهذا ما يُظهر لنا أن لحظة المعاناة قد انتهت، وأن لحظة القوة قد حضرت، وأن الكلمة وحدها كفيلة بتبديد الغموض وإزالة اللبس”.

وتابعت الكاتبة متحدثة عن “معا نحو عالم أفضل”: “لا نساوي شيئا من دون حكي، ولقد تميزت كل حقبة تاريخية بعللها التي كانت تعكس الوضع الإنساني. فهيمن في منظور الثقافة العربية الإسلامية ذاك التطلع المستمر إلى التحكم والسيطرة، في خضم نظام أبوي تم تطبيعه وإضفاء الشرعية عليه منذ عهود”، وهكذا “تكريسا لهذا المبدأ، وضع المجتمع المغربي التقليدي، من جهته، مزيجا متراكبا من القواعد والآداب العامة والطابوهات، حفاظا على هذا التوازن رغم هشاشته، مموِّها أو متجاهلا حقيقة الأمر، كما هو الحال عندما يضع أحدنا طبقات متعددة من مساحيق التجميل على وجه نديب، فينتهي به الأمر إلى كشف الندوب بدلاً من إخفائها”.

وتُطلع هذه المجموعة القصصية، وفق ورقتها التقديمية، على “محرقة الأشخاص المتعاطفين، عندما يساقون في مغامرة مروعة يجهلون مآلها”؛ و”من خلال معاناة الضحايا الذين يستشيرون المعالجين، من مختلف التخصصات، يكتشف هؤلاء وجود هذا الخلل لدى الآخر، الذي يسيء للضحية خلف الأبواب المغلقة ويتلوّن مثل الحرباء، ليظهر تصرفا مغايرا وفقا للأشخاص والمواقف التي يعتزم مواجهتها”.

واستنادا إلى ما لاحظته الكاتبة في إطار الدعم الجمعوي الذي تقدمه للأشخاص الذين يعانون نفسيا، ذكرت أن “هذا الموضوع مازال يثير مشاعر عدم الارتياح والرفض من منطلق الإنكار الواعي أو اللا واعي لهذه الظاهرة”؛ لأن “الشخصيات الضارة تتميز داخل المجتمع بمظهر أشخاص مثاليين، وقد يتعلق الأمر في هذا الصدد بالأب أو الأم، الأخ أو الأخت، الزوج أو الزوجة، الابن أو الابنة، الصديق أو الزميل أو المدير أو حتى صانع القرار”.

تجربة المعاناة هذه “التي لا تجد لها أي صدى في المجتمع ولا لدى المقربين من الضحية، ولا حتى في الجهات القضائية أو الصحية، التي يفترض أن تقدم بعض الدعم”، قد تضع، وفق الكاتبةِ، الضحيةَ “في سجن غير مرئي: فإما أن تساير الوضع إلى أن تفقد صوابها أو صحتها البدنية أو حتى حياتها، أو أن تنتفض في محاولة عشوائية من أجل الهرب”.

وتخوض إلهام إبراهيمي في هذه القصص نهجا تراه “مشروعًا وضروريًا من أجل إعلام الرأي العام ومساءلته، وأيضًا مساعدته على فهم هذه المعاناة ومواجهتها من خلال تدابير لقمع الجهات الفاعلة ولحماية الضحايا”.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى